«علْم اليهودية» علم أسسه في القرن التاسع عشر المفكرون الألمان اليهود ذوو التوجه العلماني والاهتمام التاريخي، بهدف دراسة اليهودية واليهود دراسةً تاريخية وعلمية لاكتشاف الخصوصية اليهودية. وكلمة «علم» ترجمة للكلمة الألمانية «فيزنشافت» وهي تشير إلى الدراسة المنهجية في العلوم الإنسانية والتاريخ والتي تتبنَّى طريقة علمية تعتمد كل وسائل البحث الدقيق وتنطوي على احترام الحقائق والخصوصية التاريخية. ويُلاحَظ أن ثمة تناقضاً كامناً في الأهداف، فهي من ناحية موضوعية متطرفة فيما يتعلق بناحية البحث العلمي، ولكنها ذاتية ذات قصد محدَّد فيما يتعلق بالبحث عن الخصوصية التاريخية. ويعود هذا التناقض الأساسي إلى ذلك التناقض الكامن في فكر حركة الاستنارة آنذاك. فهي حركة عقلانية تؤكد أهمية الموقف العلمي والموضوعي والتجريدي والحقائق العامة والعالمية. ولكن هناك أيضاً جانباً آخر وهو الجانب التجريبي الحسي الذي يؤكد أهمية التجربة المباشرة والخصوصية. ودعَّم ذلك ظهور الحركة الرومانسية التي تهتم بالعاطفة والماضي واللون المحلي والخصوصية والتطور. وتأثر أعضاء النخبة المثقفة اليهودية بحضارتهم الغربية، فمندلسون مثلاً يرى أن اليهودية دين عام عقلاني ولكن شعائرها خاصة مقصورة على اليهود. ونتيجةً للتطور التاريخي، يُلاحَظ تناقص رقعة العام واتساع مساحة الخصوصية حتى تصبح هي الرقعة الأساسية بين أعضاء الجيل الثاني من دعاة التنوير اليهودي الذين دعوا من الناحية النظرية إلى دراسة اليهودية لاكتشاف الماضي وليس رفضه أو تقديسه.
وأحد الافتراضات الأساسية الكامنة وراء علْم اليهودية أن المؤسسات والأفكار اليهودية تطوَّرت بحسب قوانين تطوُّر المجتمعات التي وُجدت فيها، وأن هذه المؤسسات لم تكن أحسن أو أسوأ حالاً من أية مؤسسات اجتماعية أو ثقافية غير يهودية أخرى. ولكن هناك افتراضاً آخر يتناقض تماماً مع الأول وهو أن ثمة خصوصية يهودية تُعبِّر عن نفسها من خلال هذه المؤسسات.
وينعكس هذا التناقض في أهداف علْم اليهودية على النحو التالي:
1 ـ ستؤدي عملية اكتشاف اليهودية إلى اكتشاف جوهرها الحقيقي، وبالتالي يمكن التخلص من التراكمات الخرافية التلمودية التي علقت بها. ومن ثم يمكن القول بأن علم اليهودية هو جزء من حركة الإصلاح الديني اليهودي. وقد حاول هذا العلم أن يبين دنيوية وتاريخية التراث الديني اليهودي، أي أنه نتاج ظروف تاريخية محددة، وبالتالي نزع عنه أية قداسة أو مطلقية وهو ما فتح الطريق أمام إمكانية التحرر منه ورفضه واكتشاف سوابق تاريخية داخله تبرر الإصلاح. فعلى سبيل المثال، تمكَّن ليوبولد زونز، من خلال الدراسة العلمية التاريخية، أن يبيِّن أن لغة الصلوات اليهودية لم تكن دائماً العبرية، ومن ثم لا يوجد أي مبرر للسلطات الألمانية لأن تغلق معبداً يهودياً كانت تُقام فيه الصلوات بالألمانية على أساس أن هذا مناف للتراث اليهودي كما ادعى اليهود الأرثوذكس، أي أن اليهودي أصبح بوسعه التحرر من قبضة تراثه الذي كان يكرس عزلته المقدَّسة وأن يندمج في مجتمعه. كما أن تدهور وتخلُّف المؤسسات اليهودية، وهي جزء من تشكيلات حضارية أكبر، لا يمكن أن يُستخدَم مسوغاً للتمييز ضد اليهود باعتبار أن هذا التخلف جزء من كل أكبر غير يهودي. وإذا كان التخلف نتيجةً لاعتبارات تاريخية وبيئية، فإن من الممكن تجاوزه من خلال عملية الإصلاح.
2 ـ ستؤدي عملية اكتشاف اليهودية إلى اكتشاف خصوصيتها وقوانينها العضوية. وسيؤدي اكتشاف الخصوصية إلى إظهار الشخصية اليهودية المستقلة وإنجازاتها الحضارية، الأمر الذي سيعيد لليهود هويتهم واحترامهم أمام الشعوب الأوربية. كما أن اكتشاف هذه الخصوصية سيقوي وعي اليهود بأنفسهم وتراثهم وهويتهم المستقلة ووعيهم بذاتهم القومية.
فكأن الهدف الثاني مناقض تماماً للهدف الأول. وقد اكتسب الهدف الثاني إلحاحاً غير عادي نظراً لتزايد انصراف الشباب من اليهود عن اليهودية بعد حركة الإعتاق والدمج ونظراً لبعدهم عن تراثهم الديني بل احتقارهم اليهودية (وهذا أمر لم يكن مقصوراً على الشباب من اليهود فالموقف نفسه كان شائعاً بين كل شباب أوربا مع تزايد معدلات العلمـنة). وأدَّى كل ذلك إلى تراجُـع اليهـودية وإلى انصـهار اليهود، ومن ثم أصبح اكتشاف التراث ضرورة ملحة لوقف هذا التراجع وهذا الانصهار، أي أن هذه العملية كانت، من هذا المنظور، تصدياً لحركة الإصلاح الديني ولليهودية الإصلاحية. وبالتدريج، أصبح الهدف الأساسي من الاكتشاف ليس الدراسة وإنما تقديس التراث. وبالتالي، نجد أن علم اليهودية مرتبط باليهودية المحافظة. ومع هذا، كان لمفكري اليهودية الإصلاحية بعض الإسهامات في هذا الحقل (والفكر الديني الإصلاحي اليهودي تعبير عن الجانب العقلي العقلاني في فكر حركة الاستنارة). ولم يكن من الممكن أن تنشأ حركة علم اليهودية من داخل المدارس التلمودية العليا (يشيفا)، حيث إن خريجي هذه المعـاهد الدينية لـم يكونوا مُعَـدِّين الإعـداد الثقـافي اللازم لكتـابة دراسـات تاريخيــة أو اجتماعية في التراث الديني. ومن هنا نجد أن كل المشتغلين في حقـل علـم اليهـودية من خريجـي المـدارس التي أسستها الحكومات الغربية التي كانت مقرراتها غير دينية أو مُختلَطة (أي دينية دنيوية).
وقد قام ليوبولد زونز، وصديقه إدوارد جانز (1798 ـ 1839)، وهو قانوني من أتباع هيجل، وموسى موزر (1796 ـ 1838)، وهو تاجر مثقف، وآخرون، بتأسيس رابطة الثقافة اليهودية وعلم اليهودية. وكان من أعضاء هذه الجماعة الشاعر هايني. وكانت الجماعة تهدف إلى اكتشاف الثقافة اليهودية، ونشرها بين الشباب، وتشجيعهم على الاشتغال بالزراعة والحرف اليدوية والإنتاجية. وقد حُلَّت الرابطة عام 1824 بعد أن تنصَّر رئيسها جانز وتبعه هايني. ولكنها، مع هذا، كانت قد أسست هذا النوع من الدراسة وجمعت تحت مظلتها كثيراً من الدارسين، مثل: المؤرخ كروكمال والمؤرخ جرايتز وجايجر وفرانكل وصموئيل ولوتساتو وستاينشنايدر وغيرهم. كما أصدرت حولية نشرت عشرات الدراسات المهمة. وتفرَّع علم اليهودية إلى كثير من المجالات والموضوعات، مثل: نقد العهد القديم ودراسة التلمود والأعمال الأدبية التي كتبها مؤلفون يهود والتاريخ والآثار والفلسفة الدينية. وكان يُشار إلى علم اليهودية في بعض بلدان أوربا بعبارة «الدراسات اليهودية»، أو بالكلمة اللاتينية «جودايكا».
وكان التركيز الأساسي على تاريخ الأفكار والأدب، حتى أصبح ما يُسمَّى «التاريخ اليهودي» تاريخ أفكار أساساً، في حين احتل التاريخ الاقتصادي والاجتماعي مكاناً ثانوياً تحت تأثير الفلسفة الألمانية المثالية، كما أن الدراسات اليهودية كانت تحتوي على قدر كبير من الاعتذاريات.وأدَّت هذه الدراسات إلى تراكُم قدر كبير من المعلومات والحقائق عن التجارب التاريخية للجماعات اليهودية، وبالتالي ساهمت في الترويج لمفهوم وجود هوية يهودية تاريخية إثنية مستقلة.
واستمرت الدراسات العلمية لليهودية وأُسِّست كراسٍيّ في الجامعات وأنشئت معاهد مستقلة لهذا الغرض. ولم يعد يُستخدَم مصطلح «علم اليهودية» في الوقت الحاضر، ويُستخدَم بدلاً منه مصطلح «الدراسات اليهودية».
وأحد الافتراضات الأساسية الكامنة وراء علْم اليهودية أن المؤسسات والأفكار اليهودية تطوَّرت بحسب قوانين تطوُّر المجتمعات التي وُجدت فيها، وأن هذه المؤسسات لم تكن أحسن أو أسوأ حالاً من أية مؤسسات اجتماعية أو ثقافية غير يهودية أخرى. ولكن هناك افتراضاً آخر يتناقض تماماً مع الأول وهو أن ثمة خصوصية يهودية تُعبِّر عن نفسها من خلال هذه المؤسسات.
وينعكس هذا التناقض في أهداف علْم اليهودية على النحو التالي:
1 ـ ستؤدي عملية اكتشاف اليهودية إلى اكتشاف جوهرها الحقيقي، وبالتالي يمكن التخلص من التراكمات الخرافية التلمودية التي علقت بها. ومن ثم يمكن القول بأن علم اليهودية هو جزء من حركة الإصلاح الديني اليهودي. وقد حاول هذا العلم أن يبين دنيوية وتاريخية التراث الديني اليهودي، أي أنه نتاج ظروف تاريخية محددة، وبالتالي نزع عنه أية قداسة أو مطلقية وهو ما فتح الطريق أمام إمكانية التحرر منه ورفضه واكتشاف سوابق تاريخية داخله تبرر الإصلاح. فعلى سبيل المثال، تمكَّن ليوبولد زونز، من خلال الدراسة العلمية التاريخية، أن يبيِّن أن لغة الصلوات اليهودية لم تكن دائماً العبرية، ومن ثم لا يوجد أي مبرر للسلطات الألمانية لأن تغلق معبداً يهودياً كانت تُقام فيه الصلوات بالألمانية على أساس أن هذا مناف للتراث اليهودي كما ادعى اليهود الأرثوذكس، أي أن اليهودي أصبح بوسعه التحرر من قبضة تراثه الذي كان يكرس عزلته المقدَّسة وأن يندمج في مجتمعه. كما أن تدهور وتخلُّف المؤسسات اليهودية، وهي جزء من تشكيلات حضارية أكبر، لا يمكن أن يُستخدَم مسوغاً للتمييز ضد اليهود باعتبار أن هذا التخلف جزء من كل أكبر غير يهودي. وإذا كان التخلف نتيجةً لاعتبارات تاريخية وبيئية، فإن من الممكن تجاوزه من خلال عملية الإصلاح.
2 ـ ستؤدي عملية اكتشاف اليهودية إلى اكتشاف خصوصيتها وقوانينها العضوية. وسيؤدي اكتشاف الخصوصية إلى إظهار الشخصية اليهودية المستقلة وإنجازاتها الحضارية، الأمر الذي سيعيد لليهود هويتهم واحترامهم أمام الشعوب الأوربية. كما أن اكتشاف هذه الخصوصية سيقوي وعي اليهود بأنفسهم وتراثهم وهويتهم المستقلة ووعيهم بذاتهم القومية.
فكأن الهدف الثاني مناقض تماماً للهدف الأول. وقد اكتسب الهدف الثاني إلحاحاً غير عادي نظراً لتزايد انصراف الشباب من اليهود عن اليهودية بعد حركة الإعتاق والدمج ونظراً لبعدهم عن تراثهم الديني بل احتقارهم اليهودية (وهذا أمر لم يكن مقصوراً على الشباب من اليهود فالموقف نفسه كان شائعاً بين كل شباب أوربا مع تزايد معدلات العلمـنة). وأدَّى كل ذلك إلى تراجُـع اليهـودية وإلى انصـهار اليهود، ومن ثم أصبح اكتشاف التراث ضرورة ملحة لوقف هذا التراجع وهذا الانصهار، أي أن هذه العملية كانت، من هذا المنظور، تصدياً لحركة الإصلاح الديني ولليهودية الإصلاحية. وبالتدريج، أصبح الهدف الأساسي من الاكتشاف ليس الدراسة وإنما تقديس التراث. وبالتالي، نجد أن علم اليهودية مرتبط باليهودية المحافظة. ومع هذا، كان لمفكري اليهودية الإصلاحية بعض الإسهامات في هذا الحقل (والفكر الديني الإصلاحي اليهودي تعبير عن الجانب العقلي العقلاني في فكر حركة الاستنارة). ولم يكن من الممكن أن تنشأ حركة علم اليهودية من داخل المدارس التلمودية العليا (يشيفا)، حيث إن خريجي هذه المعـاهد الدينية لـم يكونوا مُعَـدِّين الإعـداد الثقـافي اللازم لكتـابة دراسـات تاريخيــة أو اجتماعية في التراث الديني. ومن هنا نجد أن كل المشتغلين في حقـل علـم اليهـودية من خريجـي المـدارس التي أسستها الحكومات الغربية التي كانت مقرراتها غير دينية أو مُختلَطة (أي دينية دنيوية).
وقد قام ليوبولد زونز، وصديقه إدوارد جانز (1798 ـ 1839)، وهو قانوني من أتباع هيجل، وموسى موزر (1796 ـ 1838)، وهو تاجر مثقف، وآخرون، بتأسيس رابطة الثقافة اليهودية وعلم اليهودية. وكان من أعضاء هذه الجماعة الشاعر هايني. وكانت الجماعة تهدف إلى اكتشاف الثقافة اليهودية، ونشرها بين الشباب، وتشجيعهم على الاشتغال بالزراعة والحرف اليدوية والإنتاجية. وقد حُلَّت الرابطة عام 1824 بعد أن تنصَّر رئيسها جانز وتبعه هايني. ولكنها، مع هذا، كانت قد أسست هذا النوع من الدراسة وجمعت تحت مظلتها كثيراً من الدارسين، مثل: المؤرخ كروكمال والمؤرخ جرايتز وجايجر وفرانكل وصموئيل ولوتساتو وستاينشنايدر وغيرهم. كما أصدرت حولية نشرت عشرات الدراسات المهمة. وتفرَّع علم اليهودية إلى كثير من المجالات والموضوعات، مثل: نقد العهد القديم ودراسة التلمود والأعمال الأدبية التي كتبها مؤلفون يهود والتاريخ والآثار والفلسفة الدينية. وكان يُشار إلى علم اليهودية في بعض بلدان أوربا بعبارة «الدراسات اليهودية»، أو بالكلمة اللاتينية «جودايكا».
وكان التركيز الأساسي على تاريخ الأفكار والأدب، حتى أصبح ما يُسمَّى «التاريخ اليهودي» تاريخ أفكار أساساً، في حين احتل التاريخ الاقتصادي والاجتماعي مكاناً ثانوياً تحت تأثير الفلسفة الألمانية المثالية، كما أن الدراسات اليهودية كانت تحتوي على قدر كبير من الاعتذاريات.وأدَّت هذه الدراسات إلى تراكُم قدر كبير من المعلومات والحقائق عن التجارب التاريخية للجماعات اليهودية، وبالتالي ساهمت في الترويج لمفهوم وجود هوية يهودية تاريخية إثنية مستقلة.
واستمرت الدراسات العلمية لليهودية وأُسِّست كراسٍيّ في الجامعات وأنشئت معاهد مستقلة لهذا الغرض. ولم يعد يُستخدَم مصطلح «علم اليهودية» في الوقت الحاضر، ويُستخدَم بدلاً منه مصطلح «الدراسات اليهودية».
الأربعاء أبريل 02, 2014 10:24 am من طرف احمد يوسف
» حروف النسب – אוֹתִיּוֹת הַיַּחַס
الثلاثاء سبتمبر 11, 2012 6:02 pm من طرف تامر
» جدول محاضرات الفرقه الاولى انتظام وانتساب
الثلاثاء سبتمبر 11, 2012 5:47 pm من طرف تامر
» مصطلحات في المطبخ...
الثلاثاء يناير 03, 2012 1:08 am من طرف wolf
» محادثات(בְּרָכוֹת - تحيات)
الإثنين يناير 02, 2012 12:45 pm من طرف wolf
» بعض المهن باللغه العبريه
الأحد يناير 01, 2012 3:53 pm من طرف wolf
» الالوان بالعبرى
الأحد يناير 01, 2012 3:35 pm من طرف wolf
» دروس في المحادثه العبريه
الأحد يناير 01, 2012 3:20 pm من طرف wolf
» هديــة لجميع الاعضـاء اسطــوانه لتعليم اللغة العبرية جميـــــلة
الأحد يناير 01, 2012 2:56 pm من طرف wolf
» محادثات2(פְּגִישָׁה - لقاء)
الأحد يناير 01, 2012 2:37 pm من طرف wolf
» ( كتب و صوتيــــات ) عبريــــة هــــامـــة .. كورسات رائعــة
الأحد يناير 01, 2012 2:35 pm من طرف wolf
» امثـــــــــال عبــرية ( محــــاضرة د: سيــد سليــمان التانيه )
الأحد يناير 01, 2012 2:27 pm من طرف wolf
» كلمات وعبارات شائعة
الأحد يناير 01, 2012 2:06 pm من طرف wolf
» دورت التأهل للسلك الدبلوماسى
الأربعاء يناير 05, 2011 2:52 pm من طرف atqc